يبدأ تشكل وتطور وعي الطفل الوليد ونموه العاطفي منذ لحظاته الأولى للتفاعل مع والدته. يتطور صغيرك كل يوم من خلال التواصل وجرعات الحنان التي يتلقاها بشكل مستمر. هذه العلاقة تؤثر بشكل إيجابي على صحة نموه العقلية والمزاجية.
ومع ذلك، في بعض الحالات، يمكن أن تواجه الأمهات ظروفًا تجعلها تشعر بالانفصال العاطفي عن أطفالهن. هذا الانفصال العاطفي يمكن أن يسبب صعوبات ويؤثر سلبًا على صحة الأطفال العاطفية والنفسية. وتُعرف هذه الحالة باسم “متلازمة الأم الباردة”.
في الأربعينيات من القرن الماضي، عندما كان الطبيب النفسي النمساوي ليو كانر يدرس التوحد لدى الأطفال، قابل أمهات من الطبقات العليا يتعاملن مع أطفالهن بتحفظ وبرود. أرتبط اكتشاف كانر للجمود العاطفي في الأمهات المصابات بمتلازمة التوحد لدى أطفالهن. وبالتالي، قام كانر بتسمية هذه الأمهات بـ “الأم الباردة”.
على الرغم من أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن متلازمة “الأم الباردة” ليست المسبب الرئيسي للتوحد، إلا أنها تؤثر سلبًا على الطفل وتسبب تأثيرات سلبية على صحته العاطفية والنفسية.
توصلت الطبيبة النفسية البريطانية ليليا كوارلو إلى تحديد عدة أسباب مشتركة لدى الأمهات اللاتي يعانين من متلازمة “الأم الباردة”، بما في ذلك التعرض للإساءة العاطفية في الطفولة، ووجود مشاكل صحية عقلية، والحمل غير المتوقع، واختيار أسلوب التربية الخاطئ، والإرهاق المستمر، والحزن المستمر.
على الرغم من صعوبة علاج “الأم الباردة”، إلا أنه ليس مستحيلاً. يمكن للأم أن تتعلم مهارات التعامل العاطفي وتقديم الحنان والدعم لطفلها من خلال الاستشارة الطبية والعلاج الأسري. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأم أن تهتم براحتها الشخصية وتنمية العلاقة العاطفية مع طفلها من خلال القيام بأنشطة مشتركة وبناء ذكريات إيجابية.