خلافًا للسنوات السابقة، أقر البرلمان اللبناني مشروع موازنة عام 2024 في الوقت المناسب. ومع ذلك، يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الموازنة لا تحمل رؤية اقتصادية ولا تتضمن إصلاحات جذرية لإنقاذ لبنان من الأزمة التي يعاني منها. يجب التوقيع على مرسوم الموازنة في الحكومة قبل العمل بها. وتعاني لبنان من تجمُّد مؤسسات الدولة وشغور رئاسي مستمر منذ أكتوبر 2022 وتتصاعد مخاطر الحرب مع حزب الله على الجبهة الجنوبية.
يعتمد مشروع موازنة عام 2024 بشكل رئيسي على الضرائب غير المباشرة التي تُفرض على الجمهور. ويتم توجيه جزء كبير من النفقات لأجور ورواتب موظفي القطاع العام البالغ عددهم حوالي 210 ألف عامل مدني و120 ألف عسكري. وقد طلب صندوق النقد الدولي إعادة هيكلة القطاع العام كشرط لنجاح المفاوضات مع لبنان.
تتراوح أسعار صرف الدولار في لبنان بين 15 ألف في السوق الرسمية وأكثر من 89 ألف في السوق السوداء. تعقيد الموازنة وعدم معالجة الدين العام الذي يتجاوز 100 مليار دولار وخسائر القطاع المصرفي هما بعض من التحديات التي تواجهها الحكومة. تم التأكيد على أن الموازنة تعتمد بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة وتطبق عقوبات على الشركات والأفراد.
تم تمرير مشروع موازنة 2024 في البرلمان دون قطع الحساب وبعد بعض التعديلات. ومشروع الموازنة لم يسترجع فعالية القطاع العام ولم يتناول مصير المصارف والودائع. يعتقد البعض أن الموازنة تعتمد على إجراءات مفردة دون دراسة علمية أساسية.
رفع الضرائب يشكل تحميلًا ثقيلاً على الأفراد وأصحاب الدخل بالليرة، في حين أنه لم يتم تعديل الرواتب والأجور بشكل جوهري. أما أصحاب الدخل المدولار أو من يتقاضون رواتب بالدولار، فلن يتأثروا بنفس القدر ولكنهم سيواجهون تحديات في زيادة الادخار. هناك أيضًا الهاربون من الضرائب الذين سيستفيدون من الموازنة.
تمت الموازنة بشكل مفرق وليس هناك خطة بناءة للقطاع العام. كما أنها لم تناقش مستقبل المصارف والودائع. وعلى الرغم من أن الضرائب الغير المباشرة تشكل أكثر من 75% من الضرائب في لبنان، فإن الضرائب المباشرة لا تتجاوز 15%. ويستغرب البعض عدم توفر خطة لاستعادة الودائع.
رغم رفع الضرائب في الموازنة، إلا أنها ليست إصلاحية، بل ستؤثر سلبًا على الناس بما أن نسبة 85% منهم مهددة بالفقر. الضرائب الغير المباشرة تصل إلى 46 ضعفًا في هذه الموازنة، وستتحمل الأعباء الضريبية الأكبر. هناك استفادة كبيرة للهاربين ضريبيًا.
لا يوجد خطة للرد على الودائع والموازنة لم تستجيب لمطالب صندوق النقد الدولي بعد توقيع الاتفاق. وتبقى تنفيذ هذه الموازنة أمرًا صعب المنال.