نقطة البداية هي الوعي بتأثير التاريخ على الهوية الشخصية والتعرف على الذات كنتاج للتأثير التاريخي. إدوارد سعيد يستخدم هذا الاقتباس في كتابه “الصهيونية من وجهة نظر ضحاياها” ليسلط الضوء على غياب المعرفة التاريخية بالفكر الصهيوني لدى غير الصهاينة، والكتاب يهدف إلى إعادة رؤية التاريخ وإنتاج سجل خاص بوجهة نظر الضحية.
يستعرض سعيد في كتابه تاريخ الفكر الصهيوني في المجتمعات الأوروبية ويقوم بتحليل النصوص الأدبية وكتابات المفكرين والسياسيين والوثائق والتقارير. يركز على أهمية التسمية بالنسبة للصهيونية وكيف تم تزييف الحقائق فيما يتعلق بتاريخ فلسطين والسكان الأصليين. كما يستعرض أدبيات الجغرافيين والمؤرخين العرب والأدب الأوروبي للكشف عن التناقض في الرؤى.
يفحص سعيد أيضًا العلاقة المعقدة بين الصهيونية والاستعمار الغربي، وكيف تم استخدام الفكر الإمبريالي والعلم لتبرير وتنفيذ مشروع الصهيونية في فلسطين. يتناول أيضًا الأدوات والمؤسسات التي تم استخدامها لتحقيق الهيمنة الصهيونية ولترويج سياسات الولاية الوحيدة والهجرة القسرية وتدمير الهوية الفلسطينية.
ينتقل سعيد لاحقًا لتحليل الوضع الفلسطيني بعد تأسيس دولة الاحتلال، ويمسح المفاهيم العنصرية التي تشكلت حول العرب ويتطرق لحقوق الإنسان ومشكلة العنف وإرهاب الدولة الإسرائيلية. ينتهي الكتاب بتسليط الضوء على القضايا الثقافية التي تحتاج إلى انتباه واعٍ في الصراع الفلسطيني، مثل دور المفكرين في تشريع العنف والهجوم على الديمقراطية.
يعد هذا الكتاب مدخلاً مهماً لفهم المشروع الكبير لإدوارد سعيد في القضية الفلسطينية ويعتبر واحدًا من أهم أعماله في هذا الصدد.