دمشق – تواجه النساء السوريات الصعوبات الاقتصادية والظروف الحياتية الصعبة في مناطق النظام السوري ما يقود بعضهن إلى التفكير في “زواج لمّ الشمل” أو “زواج على سفر” كحلاً للتغلب على ظاهرة العنوسة المتزايدة. الزواج عبر “لمّ الشمل” أصبح الحل الأخير للكثيرين في مواجهة تفاقم الفقر وزيادة الهجرة للشباب. قُدّم هذا النوع من الزواج بعد زيادة الهجرة الكبيرة إلى أوروبا في عام 2015، حيث يتواصل الشباب والفتيات بحثًا عن شركاء حياتهم من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي. يرتبط “زواج لمّ الشمل” بشرط أن يكون أحد الشريكين مواطنًا أو مقيمًا في إحدى الدول الأوروبية وأن يتمكن من طلب لمّ شمل أسرته. يتم تنظيم طلب الزواج وإجراءاته باستخدام واجهات التواصل الإلكتروني.
يُعزَى انتشار ظاهرة الزواج عبر “لمّ الشمل” في سوريا إلى عدة أسباب، منها الهجرة الكبيرة للشباب السوريين والفقر وانعدام فرص العمل. بسبب هجرة الشباب وعدم قدرتهم على العودة لسوريا خشية الخدمة العسكرية، بقي عدد كبير من الفتيات السوريات بلا زواج. بالإضافة إلى ذلك، تجد الفتيات في سوريا فرصة للزواج عبر “لمّ الشمل” فرصة للهجرة النظامية والعمل ودعم عائلاتهن المتقاعدة في سوريا. وتبحث الفتيات السوريات في المناطق الحكومية عن زواج عبر “لمّ الشمل” للسفر للعمل أو الدراسة الجامعية. بلغت نسبة العنوسة بين الفتيات في سوريا 70% في عام 2022، حسب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في النظام.
ظهرت مؤخرًا عشرات الصفحات والمجموعات المتخصصة في عروض وطلبات زواج لمّ الشمل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقدم الناس مواصفات شركائهم المقترحين من خلال هذه الصفحات والمجموعات. وتعد هذه الظاهرة واحدة من الأسباب التي تسهم في تجارة الزواج وتحويلها من عملية بناء للأسرة إلى عملية تسوق عبر الإنترنت. يُعزَى انتشار هذه الظاهرة إلى تراجع مستوى معيشة الأسر في سوريا وارتفاع نسبة العنوسة بين النساء واستمرار هجرة الشباب البحث عن حياة أفضل في الخارج.
ينجم عن الزواج عبر “لمّ الشمل” آثار نفسية واجتماعية متعددة، مع احتمال أن يصبح الزواج غير قانوني في الدولة المقصودة للعيش فيها. كما أن التوافق بين الشريكين ليس واضحًا في التواصل عن بعد، مما يزيد من احتمالية وقوع صراعات أسرية. كما يواجه النساء في هذا النوع من الزواج صعوبات، حيث تنتقل الفتاة إلى بلد غريب وغالبًا لا تعرف اللغة والقوانين، وقد يتم تعريضها للظلم. يتطلب الزواج عبر “لمّ الشمل” قدرًا كبيرًا من التكيف والتفاهم بين الشريكين، ومع ذلك، يعتبر الزواج من هذا النوع محطة للكثيرين في تعزيز حياتهم المهنية والعاطفية والاستقرار في بلدهم الجديد.