مع بداية معركة “طوفان الأقصى”، ركزت الأعين على الجبهات التي قد تؤثر في مسارها، حيث ناشد القائد العام لكتائب القسام (الذراع العسكري لحركة حماس) محمد الضيف المساهمة في المعركة. وقد يرتبط طموح القسام بتجربة تفاعلهم الواسعة خلال معركة سيف القدس في عام 2021 في الضفة الغربية ومناطق الكتلة العربية الموجودة داخل الأراضي الإسرائيلية وعبر حدود لبنان والأردن. وبعد أكثر من 100 يوم من الحرب، لم تصل مشاركة هذه الجبهات إلى مستوى يكفي لردع الاحتلال عن جرائمه في قطاع غزة.
تتميز العلاقة بين الأردن وفلسطين بأهمية سياسية وجغرافية وديمغرافية، حيث لديهم أطول حدود مع فلسطين المحتلة وتاريخ وجوار مرتبطين بها. وتربط الأردنيين بالفلسطينيين روابط وثيقة نتيجة للتاريخ والجيرة والتداخل العائلي. وتعزز هذه العلاقة أهمية الأردن كوجهة للاجئين الفلسطينيين الذين هربوا من الاحتلال الإسرائيلي عامي 1948 و1967. وتعزز أهمية الأردن أيضًا بوجوده كوصي على المسجد الأقصى وموقعه الديني السياسي.
تواجه الأردن تحديات جمة نتيجة للتوازن الحساس بين مكونات المجتمع الأردني وأولويات الدولة والقيود السياسية والاقتصادية المرتبطة بالعلاقة مع الاحتلال. ورغم تداعيات الحرب في غزة على الأردن، يتأثر الوضع الرسمي للأردن بمواجهة التوتر الزائد بين الاحتلال والفلسطينيين في الضفة الغربية. يدرك الأردن أنه يواجه تحديات تتطلب تدابير تصعُب على الشعب الأردني قبولها والاحتفاظ برضا الاحتلال والولايات المتحدة.
تنبع أهمية تصاعد الصراع بين الاحتلال وأي جانب في الإقليم من التداعيات السلبية على الحكم في الأردن. قد يكون نصيب الأردن من الصراع هو مواجهة زيادة التوتر مع إسرائيل ومساعيها لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن. من جهة أخرى، يدرك الأردن أن استقبال هذه اللاجئين من شأنه أن يضعف الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد.
تسعى الولايات المتحدة للتهدئة في الأردن وفهم تعبيرات الأردن الإعلامية والسياسية وعدم تأثيرها على الصراع العسكري والسياسي. وتستمر الولايات المتحدة في رؤية الأردن كشريك أمني واقتصادي مهم، وتهدف للحفاظ على الاستقرار الحالي حتى انتهاء الحرب في غزة.
تُظهر الخلاصة أن الأردن يعاني من توترات عدة نتيجة للتداعيات السلبية للصراع بين الاحتلال والفلسطينيين. رغم تضييق المجال على التحركات الشعبية والتظاهرات، استجاب الشعب الأردني بشكل واسع لدعوات الإضراب الشامل. الموقف الأردني الصارم والأفعال التي قام بها يعكسان القلق الجدي والتحدي الذي يواجهه الأردن في ضوء الأحداث الجارية وتهديدات استقراره.